هل من تفريق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل من تفريق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي ؟
A-
A=
A+
الحلبي : شيخنا ، مسألة ، كنَّا سمعنا منكم دليلًا واضحًا عن التفريق أو على التفريق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي ، وهو حديث : ( فَمَن جاهَدَهم بيده فهو مؤمن ، ومَن جاهَدَهم بلسانه فهو مؤمن ، ومَن جاهَدَهم بقلبه فهو مؤمن ، وليس وراء ذلك مثقال حبَّة من خردل من إيمان ) .

الشيخ : نعم .

الحلبي : فحبذا لو هكذا نبذة يسيرة في الموضوع حتى يكون تمامًا لما قبله ؟

الشيخ : والله ... - إن شاء الله - ... نسيًا منسيًّا ، فلعلَّك تساعدنا في الموضوع ، فتذكر ما كنَّا ذكرناه ... الآن لا يحضُرُني شيء أكثر ممَّا يتضمَّنه هذا الحديث ، وهذا الحديث يلتقي كثيرًا وكثيرًا جدًّا مع أحاديث أخرى ، من ذلك الحديث المعروف لدى عامة طلاب العلم من مثل قوله - عليه السلام - : ( مَن رأى منكم منكرًا فليغيِّره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ؛ وذلك أضعف الإيمان ) ، الحقيقة أن الإنكار القلبي لكل أنواع الشرك والضلال والذنوب والمعاصي هو مخرج إسلامي لكي لا يقع المسلم في الكفر المخرج عن الملة ؛ لأنه جَعَلَ مَسَاغًا وملجأً للمسلم أن ينكر المنكر ، ومن ذلك بلا شك بل هو من أوضح المنكرات الحكم بغير ما أنزل الله أنه يُنجي منكرَه بقلبه من أن يكون داخلًا في قوله - تبارك وتعالى - على أحد وجهَي المعنى الذي ذكرناه في الدروس السابقة لقوله - عز وجل - : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )) ، أولئك هم الكافرون كفرًا يخرج به عن الملة إذا استحلَّه بقلبه ، وكفرًا عمليًّا إذا استحلَّه بعمله دون قلبه .

كذلك هذا المسلم إذا رأى منكرًا - ومن ذلك الحكم بغير ما أنزل الله كما قلنا - فلم ينكره بيده ، لأنه لا يستطيع ، بالدرجة الثانية لم ينكره بلسانه ؛ أيضًا لأنه لا يستطيع ، أو يستطيع فلنقُلْ ؛ هذا أهم بلا شك ، ولكنه لأمر ماٍ وأسوأه أن يتَّبع هواه لم ينكر - أيضًا - بيده ، ولكنه أنكر ذلك بقلبه ؛ فهذا الإنكار يرفع مسؤولية كونه أنه أقرَّ هذا المنكر ، وبسبب هذا الإقرار كفر ؛ لا ، لا يدخل في قضية الخروج عن الملة ، ولكنه يدور عليه الحكم التفصيلي ؛ إن كان يستطيع أن ينكر بيده فلم يفعل فهو عاصي ، وإن كان يستطيع أن ينكر بيده بلسانه فهو عاصي ، وإن أنكر بقلبه فهو مسلم عاصي ، أما إذا وَصَلَ به الأمر إلى أن لا ينكر - أيضًا - بقلبه فهنا المشكلة الخطيرة جدًّا ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال في هذا الحديث وفي ذلك الحديث أنه ليس وراء ذلك ذرَّة من إيمان .

وهنا لا بد لي من التذكير بأن المسلم يجب أن يأخذ حذرَه من أن يعتاد بعض المعاصي ، فلا يجد إنكارًا في قلبه لها ، فيُخشى حين ذاك أن يقع في الكفر الذي يخرج من الملة ، وأنا أعتقد أن كثيرًا من المسلمين والمسلمات يقعون في هذه المعصية الكبيرة جدًّا ؛ بحيث أن قلوبهم أصبحت غُلْفًا لا تنكر منكرًا حتى ولا بالقلب ، فهذه المعاصي المنتشرة الآن مثل التبرُّج تبرُّج النساء وخلاعتهنَّ ، ومثل الربا وانتشار التعامل به ؛ بحيث أن كثيرًا من الناس انمحى من ذهنه أن يكون كل هذه الأنواع من المعاصي هي معاصي ما بقيت ... .

وأنا أستحضر مثالًا يتعلَّق ببعض النسوة ، تجد المرأة متبرِّجة تبرُّج الجاهلية قبل ... بمعنى تكون قد لبست لباسًا إلى نصف الساقين ووضعت خمارًا ما يسمُّونه " إيشارب " ، وهي تكشف بهذا ناصية رأسها ، ولا تشعر بأنها قد عَصَتْ ربَّها ، فإذا مرَّت بجانبها امرأة أخرى زادت عليها في التبرُّج الحديث ؛ كأن يكون - مثلًا - ثوبها إلى ركبتيها ، كأن تكون حاسرة الرأس ، كأن تكون مخصَّرة الثياب ونحو ذلك ؛ فما تكاد تمرُّ بها وإلا وتلتفت هكذا تستنكر عليها بقلبها ، هذا معناه إذا لم ... بأنها الواقعة بمثلها بحيث أنها خالفت شريعة ربِّها ، لكن لا شك أن تلك أنكَرُ ؛ وقعت فيما هو أشد إنكارًا من هذه التي أنكرت ذلك ! هذا إيش معناه ؟ هذا يدلُّنا أنُّو هذا النوع من النساء لم يعُدْن يشعُرْن بالمعصية ؛ فإذًا لم يبق في قلوبهنَّ إنكار هذه المعصية ؛ فلذلك على المسلمين أن يحافظوا على أنفسهم بأن يكونوا دائمًا في صحبة مَن يذكِّرنوهم دائمًا وأبدًا بأن يكون بعيدين عن استحلال ما حرَّمَ الله ... .

وضح فيما أظن الجواب عن السؤال السابق أن ما دام ... مهما كان الباعث على ذلك ، لكن لا بد من التذكير والتنبيه دائمًا وأبدًا على أنه لا يجوز الغفلة أو التغافل عن هذه القاعدة الإسلامية الهامَّة والهامَّة جدًّا جدًّا ؛ ألا وهو التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي ، لأنُّو هذه الحقيقة جاءت عليها نصوص شرعية كثيرة وكثيرة جدًّا ... جلستي السابقة الدخول البرلماني هو كفر عملي ، فإذا اقترن به استحلال الحكم بغير ما أنزل الله بالقلب فهو الكفر الاعتقادي المخرج من الملة .

غيره ؟

السائل : إخواننا إذا بنفس الموضوع ... .

مواضيع متعلقة