كيف التوفيق بين أثر عمر - رضي الله عنه - في نهيه عن تتبُّع آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وما ورد عن ابن عمر في تتبُّعه لذلك ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كيف التوفيق بين أثر عمر - رضي الله عنه - في نهيه عن تتبُّع آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وما ورد عن ابن عمر في تتبُّعه لذلك ؟
A-
A=
A+
السائل : في أثر عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - : " أنه رأى أناسًا يتبادرون إلى مكان ، فسأل عن هذا المكان ؟ فقالوا : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى فيه ، فنهاهم عنه ، وقال : ما أدركتم فصلُّوا ، وما لم تدركوا فليـ ... " ، فما هو وجه التناقض مع عبد الله بن عمر عندما كان ، وهو كان يسمَّى من علماء الصحابة ، وكان ... رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جميع أفعاله ، فكيف نوفِّق بين القولين ؟

الشيخ : لا شك أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان أفقهَ من ابنه عبد الله ، وإن كان ابنه عبد الله كان - فيما يبدو - أعبد من كثير من الصحابة ، فعمر بن الخطاب في القصة التي أنتَ أشرتَ إليها قال : " من أدركته الصلاة في موطن من هذه المواطن التي كان قد صلَّى فيها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فليصلِّ ، ومن لا فلا تفعلوا ؛ فإنما أهلك مَن كان قبلكم اتِّباعهم آثار أنبيائهم " ، فهو - رضي الله عنه - نهى الناس عن تتبُّع آثار الرسول - عليه السلام - خشيةَ أن يقعوا في نوعٍ من الغلو الذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في مثل قوله : ( إيَّاكم والغلوَّ في الدين ، فإنما أهلك الذين من قبلكم غلوُّهم في دينهم ) ، فعمر خَشِيَ على الناس خاصَّة الناس الذين يأتون من بعد أن يقعوا في شيء من هذا الغلو فنهاهم عن تتبع الآثار ، أما ابن عمر عبد الله فهو كان يتتبَّع آثار الرسول - عليه السلام - ، وهذا من حبِّه لنبيِّه كان يُغالي في التتبُّع غلوًّا لا يراه والده عمر ولا غيره من الصحابة ، فكان موقف عمر أقرب إلى باب سدِّ الذريعة من موقف ابنه عبد الله بن عمر .

فالصواب الذي ينبغي أن يكون عليه سائر الناس هو ما نصح به عمر الناس يومئذٍ ، وليس ما كان عليه ابنه عبد الله بن عمر ؛ لأنُّو هذا يحتاج إلى إنسان فقيه دقيق الفقه حتى يقف عند الحدود ولا يُغالي في محبَّة الرسول - عليه السلام - ، هذه المحبة التي قد تدفع بعض المحبِّين إلى أن يُغالوا في محبوبهم كما فعلت النصارى في عيسى - عليه الصلاة والسلام - .

فما فعله عمر هو الصواب في هذه المسألة ؛ فلا يجوز تتبُّع آثار الأنبياء ، وكأنَّ من أدلة ذلك قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لا تُشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : مسجدي هذا ، والمسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ) ، فلم يحضَّ الرسول - عليه السلام - على أن يتتبَّع شيئًا من آثار الأنبياء إلا هذه المساجد الثلاثة .
  • فتاوى جدة - شريط : 24
  • توقيت الفهرسة : 01:08:05
  • نسخة مدققة إملائيًّا

مواضيع متعلقة