مسألة التقليد والإتباع في التصحيح والتضعيف للأحاديث.؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
مسألة التقليد والإتباع في التصحيح والتضعيف للأحاديث.؟
A-
A=
A+
سائل آخر : بارك الله فيك بالنسبة إلى مسألة يتذرع فيها المقلدة في الرد على من يدعو إلى الكتاب والسنة والعناية بالحديث وهي قولهم أن قبول تصحيح الحديث وتضعيفه هو من نفس الباب الذي يقبل فيه قول عالم في مسائل الفقه فرد عليهم ذلك الصنعاني في رسالته المعروفة بإرشاد النقاد في التفريق بين قبول قول العالم في مسائل الفقه وبين قبول قول المحدث في تصحيح الحديث وتضعيفه بأن تصحيح الحديث وتضعيفه مبني قبول لخبر الواحد العدل الثقة الذي اتفق على قبوله وأن تصحيح الحديث وتضعيفه هو مبني على وفرة المعلومات المتعلقة بالإسناد المعين حول الرجال وما شابه ، وأن الاختلاف في التصحيح والتضعيف هو مبني على الاختلاف في حصول هذه المعلومات أو عدمها ؛ فهل هذا الكلام صحيح ؟ وما قولكم فيمن أورد على ذلك في تصحيح الحديث وتضعيفه أن هناك نقاط قد يختلف نظر المحدث أو المصحح والمضعف فيها بناء على تعلقها بباب اجتهادي ... ؟

الشيخ : يا أبو ليلى

السائل : نعم يا شيخ

الشيخ : نبه ضيفك الدكتور ما يأكل بيده الشمال نعم .

السائل : فما أدري فضيلتكم بالنسبة لهذه النقطة ؟

الشيخ : يا أخي أنا أرى أن المشكلة ليست أن الحديث قائم على الاتباع المأمورين به ، وهذا يخالف التقليد المنهي عنه ، ليست هذه هي المشكلة ؛ لأني أنا شخصيا لست مقتنعا في ذات نفسي بهذا التفريق ، أولا كقناعة شخصية لا فرق عندي بين أن يتبع المسلم مجتهدا في قوله عن شيء ما هذا حرام ، وهذا التحريم بلا شك قام إما على آية وإما على حديث صحيح عنده ؛ وبين اتباعنا له أو تقليدنا إياه في قوله هذه الحديث الذي أنا بنيت عليه ذاك الحكم من التحريم هو حديث صحيح عندي يعني أظن أن المسألة هنها إذا وجهناها بهذه الصورة من التفريق بين التقليد في الفقه والاتباع في الحديث لا ننجح في الجواب على الأقل أنا شخصيا لأنه أنا لست مقتنعا بالفرق بين الأمرين ، ولعل المثال السابق يوضح لكم ذلك أي حينما يقول المجتهد آلات المعازف حرام ، نقول له ما الدليل ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليكونن في أمتي أقوام ... ) إلى آخره فاتباعنا وأنا أراجح بين اتباع وبين تقليد لأنه في النهاية نريد نحط على أحد التعبيرين لأن تسميتنا - وعليكم السلام -لاتباعنا لقول الإمام بالتحريم في أمر ما هو اتباع ليس تقليدا أو العكس نسميه تقليدا ليس اتباعا ، التسمية كما هو لا يخفاكم في اعتقادي جميعا لا يغير من حقائق المسميات ، صح ؟

السائل : نعم .

الشيخ : إذن نحن إذا اتبعنا أمر الله عز وجل سواء في التصحيح للحديث أو التضعيف أو في التحريم والتحليل فنحن اتبعنا أمر الله ، فسموه ما شئتم تقليدا أو اتباعا ؛ أنا أقول هذا وأنا من أولئك الذين يفرقون بين الاجتهاد والإتباع والتقليد حتى ما يذهب عن بالكم أنني مع أولئك الذين يفرقون بين الاجتهاد وبين الاتباع وبين التقليد ؛ لكن الآن نحن في مناقشة جزئية طرح السؤال حولها الآن آنفا ؛ فأنا لا أريد أن ندير البحث هل أنا إذا اتبعت الإمام البخاري في تصحيحه لحديث ما أو تضعيفه لحديث آخر هذا اتباع أم تقليد ؟ ما يهمنا هذا الآن ، إنما يهمنا هل يجب علي أنا وأنا لست عالما بالتصحيح والتضعيف هل يجب علي أن أحكم عقلي ورأيي وعقلي فضلا عن هواي أن أصحح وأضعف بجهلي ؟ أم علي أن أتبع هذا العالم ؟ ما قال قلت ، قال صح قلت صح ، قال ضعف قلت ضعف ؛ كذلك بالمقابل إذا قال الإمام الشافعي أو غيره من الأئمة هذا حرام أو هذا جائز

سائل آخر : السلام عليكم

الشيخ : وعليكم السلام ورحمة وبركاته فأنا تبنيت قوله ، لست الآن في صدد التحقيق أن هذا التبني هو إتباع أم تقليد ؛ لكن لا أظن أن هناك خلافا في أن هذا الحكم لا خلاف فيه ، أي أني أنا باعتباري لست عالما وإنما أنا مخاطب بمثل قوله تعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) وأنا سألت عالما هذا حرام أم حلال ؟ قال لي حرام ، فتبنيته ، لا أقول الآن اتبعته ولا أقول الآن قلدته ؛ لأنه الآن لا نريد أن نخوض في هذه القضية بالذات ؛ فهل أنا اتبعت الشرع في هذه الحالة أم لا ؟ لا شك أن الجواب نعم ، فعلت ما يجب علي لأني ائتمرت بقوله تعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) إمام البخاري أو مثله سألته عن حديث فقال صحيح فاتبعته ، وقال في حديث آخر ضعيف فتبنيته ... ندخل في صميم الجواب ودون العدول إلى التفريق بين الاتباع والتقليد ، فهذا لعله يأتي البحث فيه قريبا إن شاء الله إذا كان كل ممن تبنى قول الإمام المصحح والمضعف قول الإمام المحدث المصحح أو المضعف ومن تبنى قول الإمام المحرم أو المحلل وهو جاهل يكون قد نفذ الحكم الشرعي ، نحن نسأل الآن أولئك الذين أوردوا هذا السؤال هل أنتم معنا في أن الواجب على كل مسلم غير عالم أن يتبع الفقيه في فقهه والمحدث في حديثه أم لا ؟ الآن أنا أوجه السؤال إليك ألا يرد عليهم هذا السؤال ؟

السائل : الذي يظهر طبعا أنه يرد .

الشيخ: نعم

السائل:الذي يظهر طبعا أنه يرد

الشيخ : أحسنت بهذا التحفظ - يضحك الشيخ رحمه الله - فما هو جوابهم فيما تظن من اتصالك بهم واستماعك لشبهاتهم ؟ أما أنا فأقول ليس لهم جواب وحينئذ سيلتقون معنا رغم أنوفهم ، هذا الالتقاء الذي يلزمهم بأن يكونوا معنا وليس علينا ؛ ذلك لأننا نحن في الوقت الذي لا نفرق بين وجوب اتباع لنقل الآن العامي الجاهل لا نفرق بين وجوب اتباعه أو تبنيه لقول المحدث ، وبين تبنيه لقول الفقيه كذلك هم عليهم بالمقابل ، بناء على هذا الاستظهار الذي استظهرته آنفا عليهم أيضا أن لا يفرقوا بين تبنيههم أو نسميه تقليدهم لأنهم هم يتبنون هذه اللفظة ولا ينكرونها مطلقا ؛ حينئذ عليهم أن يتبنوا معنا كما يقلدون فقهاءهم عليهم أن يقلدوا محدثيهم ؛ فهم يلتقون معنا في وجوب العمل بالأمرين كما قلت مستظهرا ويختلفون عنا عملا فإنهم لا يعرجون إطلاقا إلى قول المحدثين ؛ وبذلك يخسرون جهودا الألوف المؤلفة من علماء الحديث طيلة هذه القرون الطويلة ثم يجمدون على اتباع العشرات أو المئات من الفقهاء بمجرد التقليد ؛ فنحن الآن نعكس عليهم السؤال وإذا استظهرت مستوجسا خيفة فما عليك إلا أن تعكس عليهم السؤال ، قولوا لنا ما الفرق بيننا وبينكم ؟ ما الذي تنكرونه علينا ؟ نحن نقلد الأئمة في التصحيح والتضعيف ؟ سيكون جوابهم هكذا أليس كذلك ؟

السائل : بالطبع .

الشيخ : ها ، هنا الجواب ما فيه استظهار ، هنا الجواب يقينا ، كويس ؛ إذن نحن نقلد علماء الحديث على حد تعبيرهم في التصحيح والتضعيف عملا بقول الله تعالى : (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) (( واسأل به خبيرا )) فأنتم ما موقفكم من هذا الجيل العظيم الضخم من علماء المسلمين المحدثين الذين لا يستغني فقهاؤكم عن اتباعهم وإن شئتم قلتم عن تقليدهم أنهم لا يقيمون لجهودهم وزنا ، ولذلك فهم في جهالة يعمهون فلا يميزون بين الحديث الصحيح وبين الحديث الضعيف علما بأن كثيرا من فقهائهم المتأخرين المقلدين يأخذون على من تقدمهم من الفقهاء الكبار عندهم في المذهب ، يأخذون عنهم أو عليهم عشرات الأحاديث الضعيفة بل كثير منها من الأحاديث الموضوعة ؛ إذن الفقهاء أنفسهم المقلدون هم معنا في وجوب الرجوع إلى علماء الحديث في التصحيح والتضعيف فما بال هؤلاء المقلدين يريدون أن يقيموا الحجة علينا بزعمهم أنه نحن ننكر التقليد ونقع في التقليد ؛ الآن نحن ندحل في ذاك الموضوع الذي أجلته آنفا هل نحن مثلهم في التقليد ؟ الجواب : شتان ما بيننا وبينهم ، ماذا يقول الشاعر ؟

" فأين الثريا من الثرى وأين معاوية من علي ؟ "

نحن أولا نختلف عنهم تماما ، نحن لا ندين الله تبارك وتعالى بالتقليد ؛ أما هم فيتدينون بالتقليد ، واضح ؟

السائل : نعم .

الشيخ : أسألك ما تغيب عني خليك معي .

السائل : معك شيخنا .

الشيخ : نحن نفترق عنهم تماما ، نحن لا نتدين بالتقليد ؛ أما هم فيتدينون بالتقليد ، أي هؤلاء الملايين من المقلدين أحدهم يقول أنا حنفي ، آخر يقول أنا شافعي ، والثالث يقول مالكي ، والرابع يقول حنبلي ؛ لا يوجد في الفريق المخالف لهم ، وأعني بهم نحن معشر سميهم أهل الحديث أهل السنة أهل السلف الصالح المنتمين إلى اتباعهم ، نحن السلفيين لسنا مثلهم لأنه لا يوجد فينا من يقول أنا بخاري ، فلا أقبل إلا ما صححه البخاري وما ضعفه البخاري ؛ وعلى ذلك فلا تجد فينا من يقول أنا مسلمي إذا صح التعبير ، أو أحمدي إلى آخره ؛ ولذلك فتجد كعلامة ومثال واقعي تماما ، هذا الرجل الألباني الذي ابتلي ببعض أصحابه الصالحين والمعينين له على الخير والبحث والتحقيق إلى آخره فقد ابتلي بناس آخرين أيضا سلكوا طريقه لكنهم خالفوه في عشرات من الأحاديث لماذا ؟ لأنهم يلتقون معنا في الأصل أنه لا تقليد عندنا لشخص معين وإنما نحن نتبع ايش ؟ الدليل مع من كان وحيثما كان ؛ أما المقلدون فليسوا كذلك ، هنا يأتي الشعر السابق الذي بدا آنفا أوله

" فحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بما فيه ينضح "

إذن نحن نقول للمقلدين بعبارة أخرى نحن لا ننكر مجرد التقليد ، وهذه أرجو أن تكون الفكرة ظاهرة لدينا جميعا ، نحن لا ننكر مبدأ التقليد وإنما ننكر التدين بالتقليد وجعله مذهبا ودينا لا يحاد عنه قيد شعرة ، هذا الذي ننكره ؛ أما الاتباع لعالم نثق بعلمه سميتموه تقليدا على الرأس والعين هذا واجب ، ما يهمنا الآن التسمية تقليد ولا اتباع نحن نسميه إتباعا لماذا ؟ للفرق الذي بيننا وبينهم أي إذا ما ظهر لنا خطأ هذا العالم تركناه ونبذنا قوله نبذ النواة ، بينما هم يتدينون به على قاعدة المثل العامي " عنزة ولو طارت " عنزة ولو طارت ، أو على الحكاية التي قيلت أعط جملا قال له ناقة ، قال لا جمل هي ناقة وهو يقول أعطيه جمل ، إلى آخره ؛ فإذا ننكر التدين بالتقليد ولا ننكر التقليد كضرورة لابد أن يصير إليها أكبر عالم في الدنيا ، أكبر عالم في الدنيا لا يستطيع أن ينجو من التقليد لأننا إذا سألنا عالما عن مسألة ما فيها دقة لا شك أن هذا العالم حينما يسأل عن مثل هذه المسألة الدقيقة عقله الباطني يعمل أحسن من الكمبيوتر صنع البشر اليوم في لحظات مثل البرق باستحضار الآيات والأحاديث التي تدندن حول ما سئل فيخرج بجواب هذه الصورة السريعة التي جالت في ذهن هذا العالم المسئول ، لا يستطيع أن يظهرها على الشاشة مجسدة واضحة المعالم لجميع الناس حتى العامة فيقتنعون تماما ويتبعون هذا الإمام اتباعا أيش ؟ على بصيرة بينة ؟ لا ، ليس هنا إلا أن يقول العالم الفلاني قال كذا ، ونحن مأمورون بإتباعه ، ألا تشعرون معي بأن هناك في الإسلام مثل هذه المسائل الدقيقة ؟ لا بد ؛ فإذا ما واجب العامة ؟ أن يقولوا سألنا فلانا فأجبنا بكذا ، ونحن نعتقد أن الرجل عالم وفاضل وإلى آخره ؛ لكن إذا بدا لهذا السائل أن هذا جواب خطأ ما يتشبث به لأنه ليس مقلدا متدينا بالتقليد كما يفعل جماهير الناس لعل في هذا يعني نهاية ..

السائل : يا سيدنا الشيخ جماهير الناس من المقصود بهم ؟ هل يعني بقية المذاهب كلها المقصودة يعني ما عدا السلفيين أو أهل الحديث ؟

الشيخ : أنا ما أتكلم عن المذاهب بارك الله فيك ، اصبر علي ، أتكلم عن أتباع المذاهب

السائل : هو أتباع

الشيخ : في فرق بين أتباع المذاهب والمذاهب ، صح ؟

السائل : صح .

الشيخ : طيب وبخاصة إنك أنت قلت عمن تتكلم ؟ أنا أتكلم عن الموجودين اليوم على وجه الأرض هدول لمن يتبعون ؟

السائل : أنا قصدي لو جاء واحد ..

الشيخ : لا ، عفوا بدك تجاوبني حتى ما تخسرني سؤالي ؟

مواضيع متعلقة