بيان حكم التشبُّه بالكفار في لباسهم . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان حكم التشبُّه بالكفار في لباسهم .
A-
A=
A+
الشيخ : اللباس يتميَّز عن لباس الشعوب الأخرى من اليهود والنصارى وفارس ، فحينما بُعث - عليه السلام - لم يأمُرْ أصحابه بأن يُخالفوا عاداتهم وتقاليدهم فيما يتعلَّق باللِّباس بصورة عامة ، لكنَّه نهاهم أن يتشبَّهوا بالكفار الآخرين من الروس والروم وفارس ونحو ذلك ، وهذا التفصيل نأخذه من دراستنا للحياة الاجتماعية التي كانت في عصر الرسول - عليه السلام - ، وقد أشار إليها صاحبك هذا الغلام ، ومن جهة أخرى من أحاديثه - عليه السلام - العامَّة والخاصَّة التي فيها نهي عن التشبُّه بالكفار ، العامة والخاصَّة ، العامة - مثلًا - الحديث المشهور في " مسند الإمام أحمد " وغيره ؛ ألا وهو قوله - عليه السلام - : ( بُعثت بين يدي الساعة بالسَّيف حتى يُعبَدَ الله - تعالى - وحده لا شريك له ، وجُعل رزقي تحت ظلِّ رمحي ، وجُعِلَ الذُّلُّ والصَّغَار على مَن خالف أمري ، ومن تشبَّه بقومٍ فهو منهم ) ، من الأحاديث الخاصة كما جاء في " صحيح مسلم " أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلَّم عليه ، فقال : ( هذه من ثياب الكفار ؛ فلا تلبسها ) .

خلاصة الموضوع : أن اللباس الذي أو أيّ شيء غير اللباس الذي يكون خاصًّا بأمَّة أو بشعب كافر ؛ هذا النوع لا ينبغي أن يتلبَّسه المسلم ، أعيد فأقول : أيُّ شيء - ومنه اللباس - إذا كان خاصًّا بشعب أو أمة غير مسلمة خاصّ بهم فلا يجوز للمسلم أن يتلبَّسَه ، وعلى العكس من ذلك ؛ إذا كان هناك لباس ما هو خاصّ بشعب دون شعب بأمة دون أمة ؛ فهذا لا يمثِّل موضوع التشبه ؛ لأنه شيء شائع وعام ، فإذا لاحظ المسلم هذا التطبيق استطاع أن يعرف ما لا يجوز ممَّا لا يجوز مما يدخل في باب التشبُّه أو لا يدخل .

سبحان الله ! هذا الموضوع - أيضًا - له صلة ببعض المواضيع التي سَبَقت ؛ لأنُّو قد يظهر التعارض بين أحاديث وأحاديث أخرى ؛ مثلًا في " صحيح البخاري ومسلم " - أيضًا - من حديث المغيرة بن شعبة أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان في سفر ، فحضَرَتْه صلاة الفجر ، وكان من عادته - عليه السلام - أنَّه إذا أراد أن يقضِيَ حاجته أبعَدَ ، فذهب لقضاء حاجته ، وأخذ المغيرة معه إبريقًا فيه ماء ، فلما أراد الرسول - عليه السلام - أن يتوضَّأ يقول المغيرة - هنا الشاهد - : وكان عليه جبَّة رومية ضيِّقة الكمَّين ، فلم يستطع أن يشمِّرها ويكفَّها ، فخلعها ووضعها على أكتافه ، ثم غسل ذراعيه ، وكان لابسًا لخُفَّيه ، قال المغيرة : فهمَمْت أن أخلَعَهما . فقال : ( دَعْهما ؛ فإني أدخلتُهما طاهرتين ) .

جبَّة روميَّة ، فقد يحتج بهذا أمثال ذلك الغلام مثلًا ، وقد فعل بعضهم ، فنقول : هذه الجبَّة هي لم تكن شعارًا للرُّوم يومئذٍ ، ولذلك لَبِسَها الرسول ؛ لأنها كان لباس العرب والروم وغيرهم أشبه ما يكون بأيِّ ثوب نلبسه نحن اليوم أو عادة أو تقليد ، ركوب السيارة - مثلًا - ، ركوب الطائرة ؛ كلُّ هذه أمور عادية أمميَّة ، لكن حينما تكون القضية لها جانب فيه تشبُّه بطائفة من النصارى أو اليهود أو غيرهم ، ويكون هذا من تقاليدهم وعاداتهم إن لم تكن من عباداتهم ؛ فهنا يقال : ( من تشبَّه بقوم فهو منهم ) ؛ هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها .

ومن تجاربي وقصصي في هذه الحياة : جَمَعَني قطار ذات يوم وأنا طبعًا في دمشق ، وينطلق القطار من دمشق إلى مصيف اسمه " مضايا " ، والقصة فيها عبرة ولا بأس من قصَّتها ، بعدما انطلق القطار من منطلقه الأول وقف عند مكان ليأخذ ركَّابًا ، فجاءني أحد الشباب الذين كانوا معي فألقى إليَّ في ذهني في أذني فقال : الآن صعد قسِّيس - كأنه يقول عليك به - . وين هو ؟ قال لي : بالغرفة الفلانية . الخلاصة : قمت دخلت الغرفة التي فيها القسِّيس ، تعرف في القطار في كرسيّين متقابلين ، هو جالس في الكرسي في الزاوية بالنسبة إلي يمينيَّة ، أنا جلست هنا بعيد عنه ، مش مقابله ، بعيد عنه ، ... لا مواجهة ... مقصودكم هذا ، فجلست أفكِّر ؛ سبحان الله ! كيف أدخل معه في حديث لا بعرفه ولا يعرفني ولا شيء ؟ والله أمدَّني بمدده ، صعد مع الصاعدين في تلك المنطقة شاب أعرفه كان قد بنى بأهله أو كان حديث عهد ببنائه بأهله ، والشباب الذين معي من أصدقائه وإخوانه ما يعرفون ، فأنا سلكت السبيل التالي - من باب الكلام إلك يا كنَّة واسمعي يا جارة - ، قلت لإخواننا : أخوكم هذا في الأمس القريب بنى ، فباركوا له بما علَّمنا نبيُّنا - عليه السلام - أن نبارك له . فقلت له : بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير ، وانطلقت أتكلَّم وأتكلَّم ، وتحدَّثت في جملة ما بقي في ذاكرتي الكليلة أن من تمام الشريعة وكمالها أن الرسول نهى الأمة أن يشربوا من الإناء المثلوم ؛ فيه شعرة هيك نهاهم ، وانتهوا ، لكن ما بيعرفوا شو السر ؟ السر في هذا الزمان انكشف ، لكن هم بطواعيتهم لله واتِّباعهم لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاشوا أصحَّاء ، وهكذا من فضل الإسلام ، الآن تبيَّن أن هالثلمة هذه فيها ملايين الجراثيم والمكروبات و و إلى آخره .

-- السائل : اكسرها على طول ... أسود . الشيخ : إي أسود --

الشيخ : فالمقصود وتكلمت وتكلمت وأنا كل شوي بلحظ أسارير وجه الخوري هذا ، شعرت أنه امتلأ ، بدو يفيض بقى بما عنده ، فصمدت ، وانطلق الرجل فعلًا ، لكن على غير هدى سبحان الله ! وقلنا : الحمد لله ؛ هذا هو الفرق بين الإيمان والكفر ، قال لي : إذا كان هكذا الإسلام - شوف كيف دخل بالموضوع ؟ - إذا كان هيك الإسلام ليش المسلمين كفَّروا أتاتورك ؟ ما في صلة أبدًا بين بحثي وبين السؤال ، لكن بدو يروي غليله بطريقة في ظنِّه أنه ينجح فيها ، وشو فيها ؟ فَرَضَ القبعة على الشعب التركي - هذه القبعة صارت لباس أُمَمي - ، تكلَّمت معه طويلًا جدًّا كمان حول أتاتورك هذا ، وكيف أنه حارب الإسلام ، وليس في قضية البرنيطة وفرضه على الشعب التركي إيَّاها = -- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته -- = والحديث من المحطة إلى مصيف مضايا بالقطار نحو ساعة ، وأنا كل الجلسة هَيْ بيني وبين الخوري هذا ، حتى - والحمد لله - أذكر كان يومها دخل الجيش اللي بيسمُّوه الفيشي الإفرنسي ، وهدولة الفرنساويون مشرشين مؤسسين في لبنان ؛ لأنه كانت محتلة من فرنسا مثل سوريا ، لكن باعتبار النصارى اللبنانيون أكثرهم أو كلهم تأثَّروا بالثقافة الإفرنسية ويحسنون اللغة الفرنسية إلى آخره ، فكان موجود فرد من أفرد الجيش الفيشي لبناني لمَّا دخلت في الحديث مع القسيس هذا حول التوحيد والتثليث اللي عندهم شفت هذا اللبناني المسيحي يقول بيخاطبه إله : والله يا أبونا كلام الشيخ مزبوط !! [ الجميع يضحك ]

الشاهد : قلت له : إذا كانت البرنيطة هادا لباس أممي وما بيؤثِّر في عقيدة إنسان وفي دينه - بقى هو قسِّيس لبناني ، شو لباسه ؟ أسود من رأسه إلى رجليه ، بيلبسوا قلنسوة طويلة ... وجبَّة سودة ، جرابات سود ... سوداوين ، سواد في سواد - فالتفت ... قلت له : إذا كان هذا اللباس له علاقة بالدين ؛ فما في مانع تقيم هالقلنسوة هَيْ وتحط عمامة بيضاء على طربوش - صار شيخ !! - [ الجميع يضحك ] . قال لي : لا لا لا ، ما بصير . قلت له : ليه ؟ هذا لباس ما له علاقة بالدين ؟ قال : نحن رجال دين . فقلت له : هذه واحدة تانية . - لكنه ندم على ما قال ، هذا من نصر الله لعباده المؤمنين - قلت له : هذا الفرق بيننا وبينكم ، أنتم النصارى طبقتان رجال دين ورجال لا دين ! أما نحن - معشر المسلمين - أكبر واحد وأصغر واحد كلُّنا رجل دين ، فما لا يجوز لأكبر واحد لا يجوز لأصغر واحد ، ما يجوز لأصغر واحد يجوز لأكبر واحد ؛ لا فرق بيننا أبدًا ، أما أنتم عندكم رجال دين فيحرم عليكم ما لا يحرم على عامَّتكم ؛ لأنُّو رجال لا دين ، الله أكبر !! كانت حقيقة رحلة تُؤرَّخ ، ولما قربنا من نزول المحطة اللي هي بيت القصيد في رحلتنا جاءني بعض إخواننا يقول : يا شيخ ، نستعد نحن وصلنا . الرجل الخبيث هذا قال له : تابع الطريق معنا إلى بيروت تنزل عندنا ضيفًا . قلت - مع الأسف - لو جلسة من هالجلسات مع المشايخ ... خمس دقائق عشر دقائق انتهى الموضوع ، ما فيه عنده روح علمي روح جدلي ، أما هدول النصارى الله أكبر عليهم !

الشاهد بقى وين ؟ كنت قلت له أنا : أتاتورك لما فرض القبعة على الأتراك لم يفرضها لأنُّو فيها مصلحة سواء قلنا اقتصادية أو اجتماعية أو أو أو إلى آخره ؛ أي مصلحة ، وكان بيهمه الدين كان بإمكانه أنُّو يفرض على الشعب الذين فرض عليهم قبعة أن يضع - نحن منقول زي ؛ يعني شارة - ، مثل شو بتسمُّوها الشريط الأخضر أو الأزرق اللي بيستعملوه النساء ؟

الحاضرون : شبر .

الشيخ : شبر ؟ أنُّو هالبرنيطة هَيْ يضع فيها علامة خضرا بيضا إلى آخره ؛ إذا المسلم مشي في الطريق يتميَّز عن غيره ؛ وكلهم متبرنطين يعني ، لكن هدولة بيتميَّزوا بهالعلامة هذه ، لكن هو ما كان يعني يريد مصلحة الإسلام والمسلمين أبدًا ، والدليل أنَّه غيَّرَ نظام الإرث وغيَّر وغيَّر .

فإذًا لباس الكفار قسمين أو ثلاثة أقسام - على ضوء سؤاله سابقًا عن قضية تبع نص كم - : إما أن يكون شعار الكفر ؛ فهذا يحرم مثاله القُبَّعة اليوم ، وإما أن يكون دون ذلك فيتردَّد بين الكراهة والتحريم ، مثاله شو اسمو هَيْ ؟ الكرافت ؛ لأن هذه أصبحت - مع الأسف - شائعة بين المسلمين إلَّا مَن عصم الله وقليلٌ ما هم ، ثم هم لا يلبسونها - أيضًا - لأنُّو فيها فائدة ... منهم مَن يجعلها لها ذيل لها ذَنَب كذَنَب البقر طويل هيك على صدره وبطنه ، ومنهم مَن يجعلها قطعة واحدة هنا في العنق ويقول بعضهم أن هذا يشير إلى الصَّليب قديمًا - لا حول ولا قوة إلا بالله - ... أما إذا كان أمرًا عامًّا إذا رأيته ما خطر في بالك أبدًا أن هذا ليس مسلمًا ؛ فلا بأس في ذلك إن شاء الله ؛ هذه الأنواع هي الأنواع الثلاثة التي يمكن أن تُقال بالنسبة لألبسة الكفار .

ومما حدث لي - أيضًا - مع بعض الدعاة الإسلاميين لما كنت في بريطانيا ؛ دعانا أحدهم في قرية أن نفطر عنده في رمضان ، وقيل لي بأنَّه من الدعاة الباكستانيين الطَّيِّبين ، فذهبنا إليه ، والحقيقة رجل فاضل ومتخلِّق بأخلاق طيِّبة إسلامية كريمة ، وضع لنا السفرة على الأرض مع أنَّ هذا نادر جدًّا في هديك البلاد ، لكن سبحان الله ! حاطط كرافت .

السائل : البنطلون البدلة يعني .

الشيخ : بدلة طبعًا .

السائل : على دشداشة !! عفوًا ! [ يضحك السائل ] .

الشيخ : ونحن عم نتكلَّم لفتُّ نظره إلى الكرافت تبعه ، طبعًا عملنا مقدِّمة أنُّو أنت داعية وأنت كذا ، وذكَّرته ببعض النصوص مما سبق ذكره آنفًا ، فمن طيبِه رأسًا خلعها ورمى بها أرضًا ، فحمدْتُ له فعلتَه هذه ، لكن سرعان ما خرَّب عليَّ مع الأسف ! يعتذر عن الكرافت ووضعه إياها في عنقه ، يقول : هون الإنكليز ينظرون نظرة حقد وعداء لإخواننا الفلسطينيين لأنهم يلبسوا القميص وبيطلقوا الزر وما يركبوا الكرافت ، بينظروا إليهم نظرة حقد وبغض شديد ، يعني هو وضع الكرافت حتى ما يظنوه أنه فلسطيني ، قلت له : سامحك الله ، لو سكتَّ عن هذه ! هي شر من تلك تعليل ، قلت له : أنت بدك تنصر إخوانك المسلمين بأيِّ سبيل ، ومنها أن تتشبَّه بهم مو تتشبَّه بأعدائهم ، وكانت كلمة - إن شاء الله - نفَعَتْه ونفعَتِ الجالسين الذين كانوا عنده .

مواضيع متعلقة