تتمة الجواب عن حكم اللحوم المستوردة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
تتمة الجواب عن حكم اللحوم المستوردة ؟
A-
A=
A+
الشيخ : ... التي وُجِّهت إليَّ في هذه الآونة ، فمثلًا الماء طهور ، معلوم هذا ، لكن شرطه أن يكون طهورًا ألَّا يتغيَّر أحد أوصافه الثلاثة طعمه أو لونه أو ريحه ، فإذا وقف الإنسان المسلم أمام ماءٍ رجع إلى الأصل ، الأصل الطهارة ، لكن بالشرط ، فإذا تبيَّن له أن الشرط لم يتحقَّق ، بل عرض له ما يُخرجه عن طهوريَّته حينَ ذاك لا يجوز له أن يتطهَّر به ، أما إذا تردَّد ولم يتحقَّق رجع إلى الأصل ، لكن حينما يُحيط بهذا الأصل أمور تجعل الإنسان يقوى شكُّه في كونه على الطهارة أو في كون ذلك الشيء على الحل فحينَ ذاك لا نقول : الأصل فيه الإباحة أو الأصل فيه الطهارة ، وإنما نقول : ( دَعْ ما يَريبك إلى ما لا يَريبك ) ، أو ( دع ما يُريبك إلى ما لا يُريبك ) ، وهذا حديث صحيح معروف مصدره من كتب السنة ، ومنها " مسند الإمام أحمد " و " مستدرك الحاكم أبي عبد الله " وغيرهما ، وكذلك حديث النعمان بن بشير الذي ذكرناه في الجلسة السابقة وهو في " الصحيحين " قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن ، وبينهما أمور مُشتبهات لا يعلمهنَّ كثير من الناس ؛ فمن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ؛ ألا وإنَّ لكل ملك حمى ؛ ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا ومَن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ؛ ألا وهي القلب ) .

فإذًا في هذا الحديث والذي قبله يتبيَّن لنا مسألة هامة ؛ ألا وهي أنَّ هناك أمور تشتبه على الإنسان وتكون الشُّبهة قوية ليست من باب الوسوسة ، وإنما هي من باب أن هناك أخبارًا بلغت هذا الإنسان فصار عنده شك في كون هذا الشيء على الحلِّ أو على الطهارة ؛ ففي هذه الحالة لا نقول : إنه حرام ، ولا نقول : إنه حلال ، وإنما نقول كما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( دَع ما يَريبك إلى ما لا يَريبك ) ، ونقول : ( مَن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) ، فأنا في اعتقادي أن هذه اللحوم المُستوردة من بلاد الكفر التي لا تحرِّم ولا تحلِّل لا تعرف شيئًا من دين الله ، وإنما دينها مادَّتها ، وإنما معبودها دينارها ودرهمها ؛ ولذلك فهؤلاء لا تطمئنُّ النفس لاستحلال ذبائحهم على الرغم من قول الله - عز وجل - في القرآن الكريم : (( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ )) الآية ؛ ذلك لأن الأخبار تكاثرت - وأكاد أقول تواترت - بأنَّ هؤلاء لا يذبحون ذبحًا ، وإنما يقتلون قتلًا ، فمن كان متردِّدًا في صحة الخبر فحكمه أن يطبِّق حديث الرسول - عليه السلام - وأن يأتَمِرَ بأمره ؛ ألا وهو قوله : ( دَعْ ما يَريبك إلى ما لا يَريبك ) ، ومن غلب على ظنِّه أن نوعًا من هذه الذبائح تُذبح ذبحًا ، وبالطبع توفَّرت فيه - أيضًا - الشروط الأخرى أن يكون الذَّابح من أهل الكتاب ؛ فهي حلال بالنسبة إليه ، ومَن ثبت لديه أنها تُقتل قتلًا ولا تُذبح ذبحًا ؛ فحينَ ذاك يحرم عليه بنصِّ القرآن الكريم وبإجماع جمهور علماء المسلمين قديمًا وحديثًا .

إذًا في مثل هذه المسألة هناك ثلاثة مواقف ، موقف التحريم وذلك لِمَن غلب على ظنِّه أنها ليست ذبائح وإنما هي بحكم الموقوذة ، وموقف التحليل وذلك بالنسبة لِمَن غلب على ظنِّه أنها تُذبح ذبحًا شرعيًا مع الشرط الآخر ، ومن لم يتيقَّن لا هذا ولا هذا فهناك يجب عليه أن يتحرَّى وأن يبتعد عن الشبهة لحديث النعمان بن بشير ولحديث الحسن بن علي وهو : ( دَعْ ما يَريبك إلى ما لا يَريبك ) .

وهذا ما عندي جوابًا عن ذاك السؤال .

سائل آخر : في أحد عنده شيء على نفس الموضوع ؟

السائل : إي ، بس ذبائح اليهود يسمُّون فيها ، مو مثل النصارى .

الشيخ : يسمون ؟

السائل : يسمون فيها ، ما يذبح إلا اللي يسمُّونهم الرهبان ، ولكن مو الرهبان .

سائل آخر : الراباي .

السائل : الراباي يسمونه .

الشيخ : إيش علاقة هذا بالسؤال اللي بالجواب السابق ؛ أوضِحْ ؟

السائل : أهل الكتاب هم النصارى واليهود .

الشيخ : نعم .

السائل : اليهود مئة بالمئة المذبوح .

الشيخ : البحث - بارك الله فيك - كان حول جزئيَّة مما يتعلق بالذبيحة الشرعية ؛ وهي أن تُذبح ذبحًا وألا تُقتل قتلًا ، لم يكن بقى البحث يسمون أو لا يسمون هذه مسألة أخرى ، البحث كان في هذا الذي يقال : إنها ذُبحت .

السائل : إذا قانون البلد ينص على قطع الرقبة وهي حية مو ميتة ... في أمريكا النص .

الشيخ : يا أخي ، هذا تستطيع تأخذ جوابه في البحث السابق ، أنا قلت : الإنسان له موقف من ثلاث مواقف ؛ مَن ثبت عنده أنه ذُبح ذبحًا ولم يُقتل قتلًا فهو بالنسبة إليه حلال ، ومن ثبت عنده بأنها تُقتل قتلًا ولا تُذبح ذبحًا ؛ فبالنسبة إليه حرام ، ومن لم يتبيَّن له : ( فدَعْ ما يَريبك إلى ما لا يَريبك ) .

مواضيع متعلقة