الربيبة إذا لم تكن في بيت الزوج ثم طلَّق أمها ؛ هل يجوز له أن يتزوَّجَها ؟ وما معنى الربيبة ؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
الربيبة إذا لم تكن في بيت الزوج ثم طلَّق أمها ؛ هل يجوز له أن يتزوَّجَها ؟ وما معنى الربيبة ؟
A-
A=
A+
السائل : بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله . ذكر الله - عز وجل - في كتابه العزيز من المحرَّمات حرمةً تأبيدية : (( وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ )) ، طبعًا (( فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا )) تكملة الآية (( فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ )) .

الشيخ : نعم .

السائل : طيب ؛ هذه البنت إن لم تكن ربيبة في بيت الزوج ثم طلَّق أمها ؛ هل يجوز له أن يتزوَّج تلك البنت غير الربيبة في نفس .

الشيخ : ماذا تقصد بقولك : لم تكن ربيبة ؟

السائل : إذًا ما معنى ربيبة ؟ يعني بدنا نفهم ما معنى ربيبة حتى .

الشيخ : كويس ؛ معنى الربيبة أن الرجل يتزوَّج الأم وتعيش الربيبة تحت وصايته وتربيته وعنايته كما لو كانت ابنته .

السائل : طيب ؛ إذا لم - يعني - تكن في بيته ؛ ألا تسمَّى ربيبة كذلك ؟

الشيخ : آ ، هنا فيه قولين للمفسرين أنُّو بعضهم يقول : إذا لم تكن كذلك فهي حلال ، وهذا يعني قول عليٍّ فيما أذكر .

سائل آخر : بن أبي طالب .

الشيخ : إي نعم .

وأكثر العلماء والمفسرين قالوا أنُّو قوله - تعالى - : (( اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ )) ليس له مفهوم ، فحينئذٍ تكون الآية عامة ولو ما كانت في حجره ؛ عرفت كيف ؟ وهَيْ الآية عند الجمهور كما قلنا كقوله - تعالى - من باب التَّقريب : (( لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً )) لا تعني الآية أنَّه يجوز أن يأكل الربا إذا كان غير أضعاف مضاعفة ، فتعبير عندهم أنُّو هذه الآية لا مفهوم لها يعني لا يُؤخذ بالمفهوم بأدلة طبعًا قامت عند العلماء ؛ لأنُّو الأصل أن المفهوم حجة ، وهذه مسألة خلافية في علم أصول الفقه بين الشافعية والحنفية ، الشافعية يقولون : مفهوم النَّصِّ في القرآن أو في السنة حجة . الحنفية يقولون : ليس بحجة . والصواب مع الشافعية هنا ، لكن بلا شك هم لا يقولون أن المفهوم حجة على الإطلاق ، وإنما الخلاف بينهما - المذهبين - كمبدأ أو كأصل هل المفهوم حجة أم لا ؟ كما يُقال هل دلالة النَّصِّ العام حجَّة أم ليس بحجة ؟ الجواب باتفاقهم أن النَّصَّ العام حجة إلا إذا استُثني ، إلا إذا دخله استثناء يعني طرأ عليه تخصيص ، فإذا لم يطرُقْ عليه تخصيص فالنَّصُّ العام حجة .

على نحو هذا الخلاف في المنطوق ، في المفهوم ؛ هل هو حجة كأصل أم ليس بحجة ؟ الشافعية يقولون : حجة . الأحناف يقولون : ليس بحجة . الحق قلنا مع الشافعية ؛ لم ؟ لأشياء كثيرة بعضها من الاستعمالات العربية ؛ إذا جاءك فقير فأعطِهِ ، مفهومه إذا جاءك غنيٌّ فلا تعطه ، هذا المفهوم ، لكن الدليل الشرعي أقوى لأنُّو يمكن تعلمون أنُّو هناك لغة عرفية قديمة ولغة شرعية يعني مصطلحات شرعية ، كالزكاة - مثلًا - والصلاة ، كلفظ الزكاة معروف عند العرب ، الصلاة معروف عند العرب ، الصلاة بمعنى الدعاء ، أما الصلاة بمعنى عبادة لها أركانها وشروطها و و إلى آخره ؛ هذا اصطلاح شرعي ، فإذا قيل لفلان : صلِّ ؛ معناها صلِّ ركعات بشروطها وأركانها ... ، مش معناها صلِّ ادع ، وإن كان هذا يأتي في الاصطلاح العربي والاصطلاح الشرعي - مثلًا - : ( إذا دُعِيَ أحدكم وكان صائمًا فليصلِّ ) ؛ يعني فليدعُ .

الخلاصة : الدليل الشرعي أقوى ، من الأدلة التي يستدل بها أو يُستدل بها للمذهب الشافعي هو الحديث الذي رواه الإمام مسلم في " صحيحه " أن رجلًا قال لعمر بن الخطاب فيما أذكر : لو أني أدركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَسألته . قال : عن ماذا ؟ قال : لَسألته عن قوله - تعالى - : (( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا )) . قال : (( إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا )) نحن الآن لا نخافهم ؛ فلماذا لا نزال نقصر وقد زال الخوف ؟ هذا رجل يقول لعمر : لو أني أدركت الرسول لَسألته . قال له : أنا سألت الرسول هذا السؤال ، فقال الجواب : ( صدقةٌ تصدَّقَ الله بها عليكم ؛ فاقبَلُوا صدقته ) .

وين الشاهد في الحديث ؟ أوَّلًا السَّائل عربي ؛ فهو فَهِمَ من الشرط أنه إذا زال زالت الرخصة وهو القصر ؛ فإذًا هو فهم الآية بالأسلوب العربي ، وكذلك سَبَقَه إلى ذلك عمر بن الخطاب العربي الصَّميم ؛ ولذلك اندفع لِيسأل الرسول : ما بالنا نقصر وقد أمنَّا ؟ أقرَّه الرسول على السؤال ؛ ولذلك أنا أقول من باب رمي عصفورين بحجر واحد تنكيتًا على الحنفية وبيان الحقيقة الشرعية : لو كان الرسول حنفي المذهب كان بيقول له : فهمك خطأ ؛ ليش ؟ لأنُّو أنت اعتدَدْتَ بالمفهوم . قلت له : المفهوم ليس بحجة . فالسؤال ساقط الاعتبار ، لكن الرسول ما هو حنفي في فهمه يعني ، لكنه أوَّلًا عربي يتكلَّم بأسلوب العرب ، وثانيًا يُوحى إليه من السماء ؛ فما قال له : أخطأت في الفهم لأنك اعتدَدْتَ واعتبرْتَ المفهوم له دلالة ، ولا دلالة في المفهوم ، بل أقرَّ عمر على سؤاله وأجابه بقوله ؛ كأنه يقول له : صدقت ؛ الفهم فهمك ، لكن الله - تبارك وتعالى - امتنَّ على عباده فعفا وتصدَّق عليهم ، وقال لهم : خلِّيكم عم تقصروا ولو إيش ؟ زال الشرط ، ( صدقة تصدَّق الله بها عليكم ؛ فاقبلوا صدقته ) .

فالأصل إذًا هو الاعتداد بالمفهوم ، إلا إذا جاء دليل يدل على أن المفهوم غير مُراد كمثل الآية السابقة : (( لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً )) ، وقوله - تعالى - : (( وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ )) ، آ ؛ أما إذا دعا مع الله إلها آخر له عليه برهان معليش ؟ لا ؛ هذا لا مفهوم له ؛ بماذا يعلِّلون ذكر المفهوم في الآية مع عدم الاعتداد به ؟ قالوا : الآية الأولى والأخرى جاءت لبيان الواقع ، كان العرب يأكلون الربا أضعافًا مضاعفة ، فجاءت الآية : (( لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً )) ، شايف ؟ ما جاءت للتحفُّظ والاستدراك والتقييد ، وإنما كان واقعهم هكذا ، فقال لهم ربُّ العالمين : (( لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً )) .

ويمكن أن يكون هذا في وقت ابتداء تشريع تحريم الربا ؛ لأنكم تعلمون أن الرسول - عليه السلام - لما بُعِث ما بدأ بتحريم المحرَّمات ، وإنما بتأسيس العقيدة وبخاصَّة التوحيد منها ، ثم جاءت الأحكام على التَّدريج ، وأشهر مثال قضية تحريم الخمر ؛ كيف تدرَّج الشارع الحكيم في التحريم ، فمن الممكن أنُّو هالآية هَيْ نزلت أول شيء في تحريم ابتداء استئصال شأفة إيه ؟ الربا ، وكانوا هم يأكلون الربا أضعافًا مضاعفة ؛ فقال لهم : (( لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً )) . ثم جاءت الآية الأخرى : (( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ )) ، الآية الأخرى : (( وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ )) ، قال : هذا واقع مستمر أنُّو كل من يدعو مع الله إلهًا آخر ليس له عليه برهان ؛ هذا لبيان الواقع الذي لا يقبل التغيُّر أبدًا .

السائل : مثل (( وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ )) .

الشيخ : أيوا ، كثير يعني في مفاهيم غير مُرادة ؛ لذلك الحنفية ماذا عملوا ؟ نظروا إلى هذه المفاهيم ؛ قالوا : هَيْ بالإجماع مش معتدٍّ بها ؛ إذًا المفهوم ليس فيه حجة ؛ لا ؛ الأصل أن فيه حجة إلا ما قام الدليل ، فما قام الدليل على أنُّو المفهوم لا حجَّة فيه نحن ما نأخذ به .

الشاهد من هذا الكلام كله - أيضًا - : (( وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ )) هذا قيد ليس احترازيًّا في الحكم الشرعي ، وإنما هو قيد لبيان الواقع ؛ لأنُّو ما هو الواقع ؟ هلق تصوروا أنتم إذا كنتم سمعتم أو قرأتم كم تتصوَّرون من الرجال يتزوَّجون المرأة ولها بنت ؛ هل تعيش البنت بعيدة عن أمها والأم بعيدة عن بنتها إلا نادرًا جدًّا ؟ الغالب بتروح الزوجة عند زوجها ومعها بنتها ، فجاء هذا القيد - أيضًا - بيانًا للواقع الذي يغلب أن يكون عليه الناس عادةً ؛ ولذلك فقال جماهير المفسرين والفقهاء أنَّ هذا المفهوم لا يُعتَدُّ به ؛ فسواء كانت في حجره أو لم تكن فهي محرَّمة عليه .

أنت نسوقك مساق صهرك !

سائل آخر : ... أشير إلى ... .

الشيخ : آ .

سائل آخر : بالنسبة لقولهم احتجاجهم بفعل الرسول - عليه الصلاة والسلام - على شرطية صلاة الجمعة في المسجد الواحد فعل الرسول - عليه الصلاة والسلام - ، ولا يعني يأخذون بحديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - باتِّفاق أمر الرسول وفعله بصلاة العيد في المصلى ، فصلاة العيد في المصلى فيها أمر وفيها فعل من الرسول - عليه السلام - ؛ مع ذلك لا يأخذون بفرضية الخروج إلى صلاة العيد في المصلى .

الشيخ : صح .

سائل آخر : يعني هذا اتباع الهوى .

الشيخ : ... .

مواضيع متعلقة